ثم قال: نعم يفرق بينهما بالنسبة إلى الحكم بكفر المنكر مع
العلم بالحال فمنكر الضّروريّ و هو من أهل الضرورة محكوم بكفره بإنكاره، بخلاف
غيره لاحتمال عدم القطع به عنده بل المتّجه عدم الحدّ عليه بذلك لعدم العلم
بالحرمة عند الشارب أو العلم بعدمها، و الفرض معذوريّته لكون المسألة غير ضرورية
حتى لو كانت قطعيّة لكنّها نظريّة[1].
المسألة الثالثة: حكم من باع الخمر مستحلّا و غير مستحلّ
قال المحقق: من باع الخمر مستحلّا يستتاب فإن تاب و إلّا قتل و إن
لم يكن مستحلّا عزّر و ما سواه لا يقتل و إن لم يتب، بل يؤدّب.
أقول: البيع ليس كالشرب في وضوح الحكم فلذا أفتى في بايع الخمر
مستحلّا بأنه يستتاب من أوّل الأمر فإن تاب فهو و إلّا قتل في حين أن شربه مستحلّا
يوجب الارتداد على ما قوّاه.
و السرّ في هذا الفرق هو أنه يمكن أن يكون بيعه لمنفعة خاصّة محلّلة
لا للشرب و إن كان مجرّد ترتّب انتفاع محلّل عليه لا يوجب الحكم بحلّية البيع ما
لم يكن جهة الحلال من المنافع المتعارفة المعتنى بها.
و للشهيد الثاني في المسالك كلام بشرح العبارة. قال: بيع الخمر ليس
حكمه كشربه فإنّ الشرب هو المعلوم تحريمه من دين الإسلام كما ذكر، و أمّا مجرّد
البيع فليس تحريمه معلوما ضرورة و قد يقع فيه الشبهة من حيث إنّه يسوغ تناوله على
بعض وجوه الضرورات كما سلف، فيعزّر فاعله و يستتاب إن فعله مستحلّا فإن تاب قبل
منه و إن أصرّ على استحلاله قتل حدّا، و كأنّه موضع وفاق، و ما وقفت على نصّ
يقتضيه، و أمّا بيع غيره من الأشربة فلا إشكال في عدم استحقاق فاعله القتل مطلقا
لقيام الشبهة.