أقول: إنّ ذكر الإيجار في الحلق مثالا للإكراه المقابل للاختيار محلّ
الإشكال و ذلك لأن من و جر في حلقه فلا حرمة في حقّه للإلجاء و الاضطرار و هذه
العناوين غير عنوان الإكراه.
و أمّا التخويف فإن كان من جهة الإيعاد و التهديد على قتله إن لم
يشربه فهو، و أمّا لو كان على غير ذلك كتوعيده بضياع وجاهته الاجتماعيّة أو سبّه
أو شتمه و ضربه فهناك يشكل الحكم بأنه أكره على شرب الخمر و أنه يجوز له ذلك.
و الحاصل أن الاستكراه على الشيء الموجب لرفع أحكامه جار في
المعاملات بأيّ نحو من أنحاء الاستكراه كان فلا يترتب معه على المعاملة آثارها، و
هذا بخلاف إتيان المحرمات و اقترافها و ترك الواجبات فإنّ الاستكراه المسوّغ لذلك
لا بدّ فيه من أن يكون الأمر المتوعّد عليه أهمّ من الذي استكره عليه و إلّا فلا
أثر له.
و أمّا التقيّة و الاضطرار فهما موضوعان مستقلّان و لا تعلّق لهما
بالإكراه.
و كيف كان فالاضطرار لو كان بحيث يتوقف حفظ النفس على الارتكاب و ذلك
كإساغة اللقمة فهناك يجري الحكم و يجوز الأكل أو الشرب كي يتخلّص من الهلاك، و
يشمله حديث رفع ما اضطرّوا إليه أيضا.
و أمّا الاضطرار إليه لرفع المرض فتجويز الشرب لذلك مشكل، و ما ورد
في الأخبار من عدم جعل الشفاء فيه أو عدم التداوي به فهو ناظر إليه و إلّا فلو
توقف حفظ نفسه عليه كما إذا رأى الطبيب الحاذق الماهر الموثوق به أن المرض مهلك و
العلاج منحصر في شرب الخمر فهناك يجوز ذلك فمجرّد حفظ النفس عن المرض و إعادة
الصحّة ليس مجوّزا له و إنّما يسوّغ ذلك حفظ النفس عن التلف و الهلاك و ذلك لأن
حفظ النفس أهمّ من كلّ شيء إلّا بالنسبة إلى مثله أي نفس آخر. و على هذا فمن شرب
الخمر لحفظ نفسه عن الهلاك فلا حدّ عليه أصلا.
و في الجواهر: بل لو قلنا بحرمته معه [أي مع الاضطرار] أمكن منع
الحدّ