ثمّ لو قلنا بعموم التنزيل و جريان جميع أحكام الخمر للعصير العنبي
فهل يجري هذا الحكم في العنب نفسه أم لا؟.
قد تعرّض له في المسالك قائلًا: و لو طبخ العنب نفسه ففي إلحاقه
بعصيره وجهان: من عدم صدق العصير عليه و من كونه في معناه انتهى.
و في الجواهر: لعلّ الثاني لا يخلو عن قوّة بملاحظة النصوص.
و نحن نقول: لعلّ الأوّل هو الأقوى و ذلك لعدم الملازمة بين ترتّب
حكم على شيء إذا كان في الباطن و بين ما إذا كان في الخارج. و نحن و إن كنّا نعلم
أن العصير ليس شيئا وراء هذا الماء الموجود في أجواف حبّات العنب و هذا يقرّب
ترتّب حكم العصير على العنب نفسه. إلّا أن تفاوت أحكام الشيء بالنسبة إلى
الحالتين و تفارق أحكام حال بالنسبة إلى حال آخر ليس بعزيز.
ألا ترى أن الدم في الخارج هو الدم الموجود في الباطن بلا فرق بينهما
و مع ذلك يترتّب على الخارج منه ما لا يترتّب على الداخل منه و بالعكس فلذا نقول
بأنه إذا غرز إبرة أو أدخل سكّينا في بدنه أو بدن حيوان فإن لم يعلم ملاقاته للدم
في الباطن فطاهر، و إن علم الملاقاة لكنّه خرج نظيفا غير ملوّث بالدم فالأقوى أيضا
عدم لزوم الاجتناب عنه، مع أنه لا شك في التنجّس بالملاقاة معه في خارج البدن و هو
معلوم.
هذا كلّه مع تسليم كون ما في أجواف الأعناب هو الماء مع أنه يمكن
الإشكال في ذلك فإنّ ما تحتويه الحبّات هو الموادّ اللحميّة لها، و ما في جوف
العنب ليس بماء و يعبّر عنه بلحم العنب إلّا في الحبّات الفاسدة التي قد يكون بحيث
ليس في جوفها شيء سوى الماء و هي ليست شيئا سوى الجلدة الرقيقة و الماء و أمّا
الحبّات الصحيحة فلا، و إنّما هي بالعصر ينقلب ماءا فإذا هذا شيء و ذاك شيء