من إقامة الحدود و التعزيرات على أهل المعاصي و على الجملة فلا
حدّ على من كان في تلك الظروف المنكرة كما أنه لا حرمة منجزّة عليه.
نعم الجاهل المقصّر معاقب لالتفاته إلى ورود تكاليف في الشريعة
فالحجّة عليه تامّة و يقال له لماذا تعلّمت كما يقال لمن علم و عصى: لماذا خالفت و
هلّا عملت [1] إلّا أن الحكم بإقامة الحدّ عليه غير خال عن الإشكال و ذلك لاحتمال
موضوعيّة العلم في إقامة الحدّ بل إنّ ظاهر الروايات المذكورة أن المصحّح للحدّ هو
علمه التفصيلي بالحرمة لا مجرد أنه عالم بوجود محرّمات في الإسلام بصورة الإجمال،
و العقوبة الأخروية أي العذاب لا تلازم العقوبة الدنيوية أي الحد.
في حكم العصير العنبيّ
قال المحقق: و يتعلّق الحكم بالعصير إذا غلا و إن لم يقذف بالزبد
إلّا أن يذهب بالغليان ثلثاه أو ينقلب خلًّا و بما عداه إذا حصلت فيه الشدّة
المسكرة.
أقول: المراد بالعصير هو العصير العنبيّ، و إطلاق الغليان يشمل ما
إذا كان بنفسه أو بالنار أو بالشمس.
و قوله: و إن لم يقذف بالزبد إشارة إلى ردّ أبي حنيفة حيث اعتبر
الإزباد و إطلاق كلامه شامل لما إذا تحقق فيه الإسكار أو لم يتحقق و لم يحصل،
فبمجرّد الغليان يحرم و يتعلّق به حكم الخمر و يستمرّ ذلك إلى أن يذهب ثلثاه
بالغليان أو ينقلب عن كونه عصيرا إلى الخلّ.
______________________________
[1] أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 8 عن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر
بن محمّد عليهما السّلام و قد سئل عن قوله تعالى
«فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ»، فقال: إنّ اللَّه تعالى
يقول للعبد يوم القيامة عبدي أ كنت عالما؟ فإن قال: نعم، قال له: أ فلا عملت بما
علمت؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلّمت حتى تعمل؟ فيخصمه، فتلك الحجّة
البالغة.
و رواه في تفسير الصافي في ذيل الآية 149 من سورة الأنعام.