و بذلك ظهر الجواب عمّا يقال: إن سيرة النبيّ صلّى اللّه عليه و
آله لم تكن على قتل من يسبّه بل كان يستمع إلى شتمهم و سبّهم و لم يجبهم بشيء أو
كان يقول:
اللّهم اهد قومي فإنّهم لا يعلمون.
و ذلك لأن إسلامهم الذي يتوقّعه كان يجبّ معاصيهم و من جملتها سبّهم
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
و يمكن أن يقال: إنّ ذلك كان من باب العفو فكان له صلوات اللّه عليه
أن يعفو عن ذلك و إن لم يكن قد أسلم بل كان باقيا على كفره. و الفرق بينهما إنّ
قاعدة الجبّ جارية بالنسبة إلى من قد أسلم عن الكفر بخلاف العفو فإنّه يجري حتى
بالنسبة إلى الكافرين لمصلحة يراها الإمام و خصوصا بلحاظ ما هو معلوم من أنهم
كانوا يعتنقون الإسلام بعد ما رأوا منه آثار الرحمة و الحنان و العفو و الإحسان
بحيث كان يقول بعضهم بعد ذلك مخاطبا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كنت
أبغض الناس إليّ و الآن أنت أحبّ الناس إليّ.
و بذلك ظهر ما في كلام صاحب الجواهر من التوقف في قتل الكافر السابّ
إذا أسلم، و ذلك لأن قاعدة الجبّ تقتضي الحكم بعدم قتله و لا وجه للتوقف أصلا إلّا
رعاية حرمة النبيّ الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و من المعلوم أنه صلوات اللّه
عليه ليس بأعظم من اللّه و لا أكثر حرمة منه سبحانه و قد جبّ الإسلام كفره و شركه
فكيف لا يجبّ سبّه بالنّسبة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟.
الكلام في اعتبار القصد و عدمه
ثم إنّهم ذكروا أنه لا شيء على غير القاصد للسبّ لغفلة و نحوها.
و نحن نقول: فلو سبّ لكنه كان في مقام المزاح و الهزلة فعلى مقتضى ما
ذكروه لا شيء عليه و لا يجوز قتله.
و هذا مشكل جدا لأن سموّ مقام النبيّ الخاتم و شموخ مرتبته لا يساعد
التفوّه