المسألة الأولى في قذف جماعة واحدا بعد واحد أو بلفظ واحد
قال المحقّق: الرابع في الأحكام و فيه مسائل: الأولى إذا قذف جماعة
واحدا بعد واحد فلكلّ واحد حدّ و لو قذفهم بلفظ واحد و جاءوا به مجتمعين فلكل حدّ
واحد و إن افترقوا في المطالبة فلكلّ واحد حدّ.
أقول: إنّ ما ذكر إلى الآن كان حكم القذف مع كون المقذوف واحدا، و
الكلام حينئذ في القذف مع كون المقذوف متعدّدا، و له صور:
أحدها: أن يقذفهم تفصيلا واحدا بعد واحد سواء ذكر كلّا باسمه أو
قذفهم و خاطبهم بصورة الخطاب و ضميره. فالأوّل كما إذا قال: زيد زان و عمرو زان و
هكذا. و الثاني كأن يقول كلّ واحد من جماعة: أنت زان، أنت زان و هكذا فالنسبة هنا
متعدّدة في كلتا الصورتين.
ثانيها: أن يكون اللفظ واحدا كما إذا خاطب جماعة و قال: أنتم زناة و
هنا تارة يأتون بالقاذف مجتمعين و أخرى متفرّقين.
أمّا الأوّل و هو ما إذا قذفهم واحدا بعد واحد فلكلّ واحد منهم حدّ
مستقلّ على القاذف سواء أتوا به معا أو متفرّقين.
و أمّا الثاني: و هو ما إذا كان القذف بلفظ واحد فهنا فصل بين إتيان
المطالبين به مجتمعين فإنّه يحدّ حدّا واحدا للجميع و بين إتيانهم به متفرّقين فهو
يحدّ لكلّ واحد منهم على حدة.
و لنا في هذا التفصيل كلام فنقول: لا إشكال في أنه لو طالب واحد منهم
بحقّه و أقيم على القاذف الحدّ فمن المسلّم أن إجراء هذا الحدّ عليه لا يوجب سقوط
حقّ الباقين. و بعبارة أخرى أن إتيان الثاني مثلا لو كان بعد إتيان الأوّل به و
إقامة الحدّ عليه فللثّاني أيضا حدّ آخر و لو كانت مطالبة الثالث بعد مطالبة
الثاني و إقامة حدّه فهو يحدّ للثالث أيضا مستقلا و هكذا.
و أمّا لو جاءوا به متفرّقين لكن بلا تخلّل الحدّ بأن كان الأوّل قد
أتى به و طالب بحقّه لكن لم يساعد الشرائط إقامة الحدّ عليه إلى الغد فأتى به
الثاني