و قد حملت الرواية الدّالّة على التنصيف على التقيّة [1].
قال الشيخ قدّس سرّه: إنّ هذا الخبر شاذّ مخالف الظاهر القرآن و
للأخبار الكثيرة الّتي قدّمناها و ما هذا حكمه لا يعمل به و لا يعترض بمثله[1].
و قال الشيخ الحرّ العاملي رحمة اللّه عليه: يمكن حمله على التقيّة و
على التعريض دون التصريح. انتهى.
و ممّا يوجب ترجيح الأخبار الكثيرة الدّالة على التساوي هو أن بعض
هذه الروايات مشتملة على التعليل أي ذكر العلّة في لزوم الحدّ الكامل و ذلك كرواية
الحلبيّ و رواية الحضرميّ و غيرهما فقد علّل وجوب الثمانين بأنّ حدّ القذف من حقوق
الناس لا من حقوق اللّه حتى ينصّف في العبد.
فحينئذ فالمرجّح في النظر و الأقوى هو القول بعدم اشتراط الحريّة في
المقام و أن الثمانين حدّ الفرية أي القذف سواء أ كان القاذف حرّا أم عبدا.
نظرة أخرى في الروايات و تحقيق آخر في المقام
ثم إنّا قد ذكرنا أن في المسألة قولين و آيتين و طائفتين من الأخبار.
لكن التحقيق أن روايات الباب على خمسة أصناف:
أحدها: ما يدلّ على التساوي بين الحرّ و العبد و عدم الفرق بينهما في
المقام و هو أكثرها عددا- حيث يبلغ ثلاث عشرة رواية- و أصرحها دلالة.
ثانيها: ما يدلّ على أن حدّ القذف في المملوك أربعون و هو روايتان:
إحديهما رواية القاسم المذكورة آنفا.
و الأخرى رواية حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:
قلت له:
كم التعزير؟ فقال: دون الحدّ قال: قلت: دون ثمانين؟ قال: لا و لكن
دون.
______________________________
[1] أقول: قد استشكل في سند رواية القاسم حيث إنّه مجهول فلا يمكن
التمسك بها و نسبه الشيخ في التهذيب إلى الشذوذ.