قال المحقق: و لو قال: ولدت من الزناء ففي وجوب الحدّ لأمّه تردّد
لاحتمال انفراد الأب بالزنا و لا يثبت الحدّ مع الاحتمال.
أقول: الظاهر أن المراد أنه لو كان هناك حدّ فهو للأمّ و ذلك لأن
النسبة بمقتضى العبارة إلى الأمّ لكون الولادة منتسبة إليها و مقتضى ذلك رمي الأمّ
إلى الزنا.
لكن فيه إشكال و ذلك لانتساب الولادة إليهما فإنّ نسبة الولد إلى
الوالدين واحدة و ليس له مزيد اختصاص بأحدهما و من المعلوم أن نشىء ولد الزنا
تارة يكون بزناء الأب و أخرى بزناء الأمّ و ثالثة بزناء كليهما و القذف و الرمي
إلى الزنا أيضا كذلك. فإذا ألقى الصيغة الخاصّة فيمكن أن يكون بصدد رمي الأب أو
رمي الأمّ، أو رميهما جميعا و ذلك لإمكان كون واحد منهما مكرها أو مشتبها عليه بأن
يكون الأب مثلا زانيا و الأمّ مكرهة على الزنا و يمكن عكس ذلك كما أنه يمكن كون
كلّ واحد منهما زانيا واقعا و على ذلك فلا يعلم أنه قد قذف هذا بالخصوص أو ذلك
بالخصوص أو كليهما فالمقذوف بخصوصه غير معلوم و المستحقّ بشخصه غير معيّن فتحصل
الشبهة الدارئة للحدّ، و صراحة اللفظ في القذف لا تنفع مع اشتباه المقذوف لأنّها
لا توجب الحقّ لتوقّف الاستيفاء على المطالبة، و المطالبة لا بدّ أن تكون من ناحية
المستحق للحق و هو غير معلوم.
و التحقيق أن في المسألة ثلاثة وجوه:
أحدها: أن الصيغة المزبورة توجب الحدّ لأنّها قذف صريح و متعلّقه هو
الأمّ لاختصاصها بالولادة ظاهرا و قد تعدّت الولادة إلى الزنا بحرف الجرّ و مقتضاه
نسبة الأمّ إلى الزنا. و قد ذهب إلى هذا الشيخان و القاضي و المحقّق في نكت
النهاية و جماعة أخرى.
ثانيها أنه قذف صريح إلّا أن متعلّقه الأبوان كلاهما لأن نسبته
إليهما واحدة و لا اختصاص لأحدهما دون الآخر لأن الولادة إنّما تتمّ بهما فيكون
كلّ منهما