و منها قوله: أنت منكوح في دبره. ثم قال رحمه اللّه: و ما يؤدّي هذا
المعنى صريحا.
و مثّل له صاحب الجواهر بقوله بعد ذلك: كالنيك و إدخال الحشفة حراما
انتهى و ظاهر كلام المحقق الذي اعتبر الصراحة في المعنى أنه لو كان اللفظ ظاهرا في
الرمي و نسبة الفاحشة إليه فهو لا يؤثّر في إيجاب الحدّ.
و الظاهر أنه خلاف التحقيق و لذا قال في الجواهر: و لعلّ المراد
بالصراحة ما يشمل الظاهر عرفا و إن أشكل بوجود الاحتمال الذي يدرء به الحدّ لكن
ظاهرهم كما اعترف به الاتّفاق على الحدّ بذلك، و لعلّه للنصوص المزبورة و لصدق
الرمي انتهى.
و التحقيق أن الظاهر معنى مستقلّ و مفهوم بحياله في قبال النص، و
المتعارف في المحاورات و التفاهمات العرفيّة هو الظهورات بل لعلّ الصريح أقلّ
قليل، فانصراف الرمي إلى الصريح منه خلاف الظاهر، فهذه الأخبار و الروايات العديدة
الّتي هي ظهورات، لا تنافي احتمال الخلاف فاشتراط الصراحة في المقام لا وجه له بل
كما يؤخذ بالصريح كذلك يؤخذ بالظهور و لذا قال رضوان اللّه عليه: لعلّ المراد
بالصراحة ما يشتمل الظاهر عرفا.
لا بدّ من معرفة القائل باللغة التي رمي بها
قال المحقّق: مع معرفة القائل بموضوع اللفظ بأيّ لغة اتّفق.
أقول: لا بدّ في تحقّق القذف أن يكون القاذف عارفا بمعنى اللفظ
الموضوع له كي يصدق أنه قد نسب هذه النسبة القبيحة إلى المقذوف فإذا لم يكن عارفا
بالمعنى و تفوّه بالكلمة السيّئة فهو و إن ذكر اللفظة لكنّه حيث لا يعلم معناها بل
ربّما تخيّلها كلمة حسنة و نسبة فأخره فلا حدّ عليه. نعم لو كان يعلم إجمالا أن
هذه الكلمة تؤذي المخاطب أو توجب وهنه فحينئذ يجب تعزيره للإيذاء