فتحيّر عمر و تعجّب الناس من فعله فقال عمر:
يا أبا الحسن خمسة نفر في قضيّة واحدة أقمت عليهم خمسة حدود ليس شيء منها يشبه
الآخر فقال أمير المؤمنين عليه السلام: امّا الأوّل فكان ذميا فخرج عن ذمّته لم
يكن له حدّ الّا السيف و امّا الثاني فرجل محصن كان حدّه الرجم و امّا الثالث فغير
محصن حدّه الجلد و امّا الرابع فعبد ضربناه نصف الحدّ و امّا الخامس، فمجنون مغلوب
على عقله[1].
فترى انّه عليه السلام لم يحدّ الخامس، و امّا التعزير فقد ذكرنا
وجهه و على الجملة فترفع اليد عن رواية أبان بهذه الروايات الشريفة و لا مقاومة
لها في إثبات الحكم لأنّها على خلاف العقل المستقلّ و ان لم يكن لها معارض فكيف
بهذه الأخبار المعارضة لها.
و لذا قال في الجواهر- بعد قول الشرائع: و فيه تردّد-: كما في النافع
بل منع، وفاقا لكافّة المتأخّرين حتّى المصنّف في نكت النّهاية بل عن الشيخين في
العريض و الخلاف ذلك أيضا بل عن المسبوط قبل النسبة المزبورة ما يشعر بالإجماع على
العدم بل هو المحكي عن صريح الغنية و ظاهر السرائر إلخ [2].
ثم انّه بعد ان اتّضح اعتبار العقل في إحصان الرجل كما اعتبر ذلك في
______________________________
[1] جواهر الكلام الجلد 41 الصفحة 274 أقول: و امّا كلامه في النكت
فهذه: انّما صار الشيخ الى ذلك لانّ الواطى يفتقر الى قصد و لا يحصل القصد إلى
الوطي مع ذهاب العقل فمع حصول الوطي يعلم انّ له قصدا. و يؤيّد ذلك رواية أبان- و
هنا نقل الرواية ثم قال قدّس سرّه:- و يقوى عندي انّه لا حدّ على المجنون لما روى
عن الأصبغ انّ عمر اتى بخمس أخذوا في الزنا- و نقل تمام الرواية.
ثم قال:- و هذه و ان كانت صورة واقعة لكنّ التعليل فيها يؤذن بسقوط
الحدّ و لعلّه احداث شبهة في طرف المجنون لاحتمال ان يكون ذلك هو الحكم فيه انتهى.
راجع الجوامع الفقهيّة الصفحة 452.
ثم أقول: انّه قد ضعّفت الرواية لأنّ في سندها إبراهيم بن الفضل و
لم يرد فيه توثيق و لا مدح، و في جامع المدارك الجلد 7 الصفحة 6: و الظاهر انّ
إبراهيم المذكور هو الهاشمي كما يظهر من جامع الرواة و هو امامى و قيل حسن و
استشعر المحقق البهبهاني ره في تعليقته من رواية جعفر بن بشير عنه وثاقته انتهى.
[1] وسائل الشيعة الجلد 18 الباب 1 من أبواب حدّ
الزنا الحديث 16.