فترى انّه اقتصر في عبارة النهاية بالتمكن
من الوطي و لكن كثير من الكلمات يدلّ على اعتبار التمكن في كلّ غدوّ و رواح كما
انّ مقتضى ما نقلناه عن الكشف هو انّ الإحصان محقّق إذا كان غائبا بأقلّ من شهر و
امّا إذا كان غائبا عنها شهرا أو أكثر فهو غير محصن.
و قد مال صاحب الجواهر الى ذلك على ما هو ظاهر عبارته حيث قال:- عند
ذكر اعتبار التمكن على وجه يغدو عليه و يروح إذا شاء- فمتى لم يكن كذلك كمن كان
غائبا عن زوجته شهرا على ما في التبيان و فقه القرآن لم يكن محصنا انتهى[1] و ان كان قد جعل الملاك بالآخرة هو
العرف.
و لا أدرى انّهم من أين استفادوا ذلك و اىّ دليل لهم في القول به
فانّا لم نقف على ذكر الشهر في شيء من الروايات.
اللّهم الّا ان يكون ذكر ذلك من باب ذكر المصداق العرفي و ان كان يرد
عليه انّ المصداق العرفي ربّما يتحقّق بأقلّ من ذلك أيضا [1].
و لو بنينا على اعتبار الشهر في السفر فلا بدّ من القول به في
المحبوس و المريض أيضا لعدم وجه للفرق بينهما و بين المسافر هنا.
نعم لا يجرى هذا الكلام في الحيض و ذلك لعدم امتداده أكثر من عشرة
أيّام.
و امّا ما افاده السيّد قدّس سرّه من التفصيل بين الحيض و الغيبة و
توجيه ذلك بانّ الحيض لا يمتدّ و لكن الغيبة ربّما امتدت و بأنه قد يتمتّع من
الحائض بغير موضع الحيض بخلاف الغائب.
فنقول: لو كان الملاك هو الشهر فمن المعلوم عدم جريانه في الحيض.
امّا
______________________________
[1] أقول: لعلّ اعتبار الشهر لأجل خبر ربيع الأصمّ قال: سألت أبا
عبد اللَّه عليه السلام عن رجل له امرأة بالعراق فأصاب فجورا و هو بالحجاز فقال:
يضرب حدّ الزاني مأة جلدة و لا يرجم إلخ وسائل الشيعة الجلد 18 الباب 3 من أبواب
حدّ الزنا، الحديث 4، بان يكون المسافة بين الحجاز و العراق يومئذ شهرا. و قد
أوردت ذلك و أجاب دام ظله بأمور منها انه لا بدّ من اعتبار الأقلّ فيما إذا قطعت مسافة
ما بين الحجاز و العراق في عشرة أيّام مثلا أو أقل. (فتأمّل).