المقام انّه ليس كذلك، و لعلّ الدليل هو
الإجماع على عدم الاشتراط و عدم كون استيفاء الحدّ مشروطا بحضورهم و لا أقلّ من
الشهرة المحقّقة.
و ممّن يظهر منه ذلك هو الشيخ قدّس سرّه فإنّه قال في الخلاف في كتاب
الحدود المسئلة 15: إذا حضر الامام و الشهود موضع الرجم فان كان الحدّ ثبت
بالإقرار وجب على الامام البدئة به ثم يتبعه الناس و ان كان ثبت بالبيّنة بدأ
أوّلا الشهود ثم الامام ثم الناس إلخ.
ترى انّه أوجب الابتداء إذا كانوا قد حضروا لا مطلقا.
و مثله كلامه في المبسوط حيث قال: و ليس من شرط استيفائه (يعنى
الحدّ) حضور شاهد الامام و لا الامام [1].
كما انّ المحقّق أيضا لم يذكر الشرطية عند البحث عن البدأة، و انّما
اقتصر على ذكر وجوب بدأ الشهود برجمه و هنا صرّح بعدم اشتراط الحضور.
و كيف كان فقد خالف أبو حنيفة و ذهب الى عدم وجوب الحدّ لو غاب
الشهود أو ماتوا.
قال الشيخ في الخلاف (المسئلة 30): إذا تكاملت شهود الزنا أربعة
شهدوا به ثم ماتوا أو غابوا جاز للحاكم ان يحكم بشهادتهم و يقيم الحدّ على المشهود
عليه و به قال الشافعي، و قال أبو حنيفة: متى غابوا أو ماتوا لم يجز للحاكم ان
يحكم بشهادتهم إلخ.
و لكن مقتضى ما ذكرناه هو عدم اعتبار حضورهم في إجراء الحدّ بل يحكم
الحاكم به و يقام عليهما و ان غابوا أو ماتوا و لا يعطّل الحدّ بذلك و ان كان ذلك
من باب الميسور بان كان الواجب هو حضورهم و الاقدام على اجراء الحدّ و حيث تعذّر
مقدار من ذلك فالباقي بحاله و لا يسقط الميسور بالمعسور، و قد مرّ انّ وجوب الابتداء
غير ملازم للشرطية بل قال صاحب الجواهر: و لا دليل على
______________________________
[1] المبسوط الجلد 8 الصفحة 4 أقول لكنه رحمه اللَّه قال بعد ذلك:
و روى أصحابنا انّه ببدأ الشهود بالرجم ان ثبت بالبيّنة ثم الامام ثم الناس و ان
ثبت باعترافه بدأ برجمه الامام ثم الناس و هذا يدل على ان من شرطه حضور الامام و
الشهود و به قال جماعة انتهى.