و الرحمة على ترك اجراء الحدود المقرّرة،
سلّمنا انّ الآية متعرّضة لما نحن بصدده لكنّها في مورد الزاني فكيف نقول بذلك في
جميع الموارد و نحكم بوجوب تأخير القتل أو الرجم الى ان يبرأ؟
هذا مضافا الى انّه على ما ذكروه يلزم الحكم بعدم جواز مداواته ليبرأ
و تندمل جراحاته و لا ان يدهن بدنه المجروح حتّى يذوق الم الجلد و الجراحة كليهما
تأكيدا للزجر، و هذا في غاية البُعد.
و العمدة هو انّ هذا ينافي عدم التأخير المعتبر في إقامة حدود اللَّه
تعالى و قد عرفت مبلغ تأكيد الشارع و شدّة إصراره و اهتمامه على إيقاع الحدود
سريعا و مضى انّه قد بلغ التأكيد في ذلك الى انّ المريض إذا لم يكن بحيث يبرأ
عاجلا يضرب في حال مرضه بالضغث كي لا يؤخّر الحدّ.
و قد ظهر بما ذكرنا انّه لا وجه لاستحباب ذلك أيضا و كيف نقول
باستحباب ما يؤل إلى التأخير في إجراء الحدّ بل الحق هو عدم جواز التأخير أصلا، و
لو كان مستند القول بالاستحباب هو التأكيد في الزجر، ففيه ما ذكرناه على القول
بالوجوب.
و امّا ما ذكره ابن الجنيد من القول بوجوب الجلد قبل الرجم بيوم فهو
لأجل الخبر: انّ أمير المؤمنين عليه السّلام جلد شراحة يوم الخميس و رجمها يوم
الجمعة[1].
و أورد عليه في الرياض بقوله: و هو شاذّ كالمنع عن التأخير بل لعلّه
احداث قول ثالث لاتفاق الفتاوى على الظاهر على جوازه و ان اختلفوا في وجوبه و عدمه
و على هذا فالتأخير لعلّه أحوط و ان لم يظهر للوجوب مستند عليه معتمد، نعم نسبه في
السرائر إلى رواية الأصحاب انتهى.
أقول: انّ وجه عدم ظهور مستند يعتمد عليه في الحكم بوجوب التأخير
واضح فقد مرّ انّ اعتمادهم في ذلك على التأكيد على الزجر، و قد قدّمنا ما فيه و
امّا الاستناد إلى رواية الأصحاب، فهو في حكم خبر مرسل بل لعلّه أدون من