النسبة بين الدليلين و ان كانت بحسب المفهوم
هو العموم من وجه لكن إذا كان أحد الدليلين بحيث لو عمل به لم يبق للآخر مورد و
مصداق أصلا يجب ان يعاملا معاملة العموم المطلق و ما نحن فيه من هذا القبيل لانّه
لو عمل بدليل الحدود و الجنايات كدليل جلد الزاني الذي نسبته الى دليل احترام
الحرم عموم من وجه و كذلك دليل جلد الشارب مطلقا و سائر الحدود، لم يبق مورد لدليل
احترام الحرم بخلاف ما لو انعكس الأمر بأن يترك اجراء الحدّ في الحرم بالخصوص فإنّه
يبقى لدليل الجلد و القطع و الرجم موارد أخر، و على هذا فيكون المقام كالتخصيص
فتخصّص أدلّة الحدود بأدلّة احترام الحرم.
الرابع انّهم رضوان اللَّه عليهم ذكروا في موضوع المسئلة
، التجاء الجاني إلى الحرم و قد رأيت عبارة المحقّق في الشرائع.
و لكن الظاهر انّه لا خصوصيّة لهذا القيد بل ظاهر الآية الكريمة،
العموم لانّ ذلك احترام للحرم، فكلّ من دخل فيه فهو آمن و ان لم يكن ملتجيا و
لائذا بل كان قد دخل لإتيان مناسك الحج و قد اتى بما هو سبب للحدّ، و هذا من مزايا
الحرم و خصائصه بالنسبة إلى سائر الأماكن فإنّ المراد ليس هو العقوبة التي لا
تستحق لانّ كون الإنسان آمنا بالنسبة إليها شامل لكلّ الأماكن بلا فرق بين الحرم و
غيره، و انّما يفرق بينهما في العقوبة المستحقّة لها يعني إذا اتى الإنسان بما
يوجب الحدّ- بحيث لو كان في خارج الحرم لا قيم عليه ذلك- فإنّ حرمة الحرم تقتضي
عدم إقامته عليه فلا يجوز عقوبة الداخل و ان لم يكن ملتجيا لانّ المناط هو حرمة
الحرم فلا يجوز عقوبة من دخل هذا المأمن و امّا ذكر قيد الالتجاء في صحيحة هشام
المذكورة آنفا ففيه انّه ليس في كلام الامام عليه السّلام بل هو من كلام الراوي، و
هذا لا ينافي جريان الحكم في موضوع آخر أيضا كما إذا دخله و لم يكن ملتجيا و ذلك
لما مرّ من انّ المقصود احترام الحرم و لا فرق فيه بين الملتجئ و الناسك و غير
ذلك، كما انّه لا فرق في العقوبة بين القتل و الرجم و الجلد و التعزير.
لا يقال: انّ مقتضى الاقتصار في الحكم المخالف للقاعدة على القدر