اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 8 صفحة : 357
الاستحباب كذلك يمكن العمل باخبار الوجوب و حمل اخبار الاستحباب على التقية [1] إلا ان الظاهر هو ترجيح الحمل الأول (اما أولا) فلما تدل عليه قرائن ألفاظ تلك الأخبار و عباراتها من تخصيص الصلاة الجهرية بذلك في بعض و التشريك بين الفريضة و النافلة في بعض و تخصيص بعض أفراد الجهرية به في ثالث، فان الظاهر ان ذلك مبني على ترتيب هذه الافراد في الفضل و الكمال.
و (اما ثانيا) فان بعض اخبار القول بالاستحباب لا يمكن اجراء الحمل على التقية فيه مثل صحيحتي أحمد بن محمد بن أبي نصر (و موثقة يونس بن يعقوب) [2] الدالتين على التخيير «ان شئت فاقنت و ان شئت فلا تقنت و إذا كانت تقية فلا تقنت» فان ذلك ظاهر في التخيير في حال عدم التقية و اما حال التقية فيتحتم فيها ترك القنوت.
و من ذلك يظهر انه مع القول بالاستحباب يمكن اجتماع الروايات عليه بحمل ما دلت عليه تلك الأخبار من انه «من تركه رغبة عنه فلا صلاة له» على المبالغة و التأكيد في استحبابه
كقولهم (عليهم السلام)«لا صلاة لجار المسجد إلا فيه»[3].
و نحو ذلك.
و اما ما دل عليه الخبر العاشر- من قوله فيه «سنة واجبة» و نحوه
ما رواه
[1] في عمدة القارئ ج 3 ص 422 «لا قنوت في شيء من الصلوات المكتوبة انما القنوت في الوتر قبل الركوع» و في ص 427 حكى عن زين الدين العراقي ان أكثر السلف على استحباب القنوت في صلاة الصبح سواء نزلت نازلة أم لا، ثم ذكر جماعة من الصحابة و التابعين و الأئمة. و ناقشه العيني في هذه النسبة. ثم ذكر ان أبا حنيفة و أبا يوسف و محمد و احمد و إسحاق و الليث لا يرون القنوت في الصبح. و في المحلى لابن حزم ج 4 ص 138 «القنوت حسن بعد الرفع من الركوع في آخر ركعة من كل صلاة فرض الصبح و غير الصبح و في الوتر» و في ص 145 «قال أبو حنيفة لا يقنت في شيء من الصلوات كلها إلا الوتر فإنه فيه قبل الركوع السنة كلها و قال مالك و الشافعي لا يقنت في شيء من الصلوات المفروضة إلا الصبح خاصة فعند مالك قبل الركوع و عند الشافعي بعد الركوع».