اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 5 صفحة : 560
و المبالغة فيه و إحفاء الشارب المبالغة في جزه و الإعفاء الترك، و اعفاء اللحى ان يوفر شعرها من عفى الشعر إذا كثر و زاد، و قوله
«و أعفوا عن اللحى»
اي لا تستأصلوها بل اتركوا منها و وفروا، و قوله
«و لا تتشبهوا باليهود»
اي لا تطيلوها جدا و ذلك لان اليهود لا يأخذون من لحاهم بل يطيلونها، و ذكر الإعفاء عقيب الإحفاء ثم النهي عن التشبه باليهود دليل على ان المراد بالإعفاء ان لا يستأصل و يؤخذ منها من غير استقصاء بل مع توفير و إبقاء بحيث لا يتجاوز القبضة فيستحق النار. و قال بعض المنسوبين الى العلم و الحكمة من فهم من هذا الحكم طلب الزينة الإلهية في قوله تعالى: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّٰهِ» [1] نظر الى لحيته فإذا كانت الزينة في توفيرها و ان لا يأخذ منها شيئا تركها و ان كانت الزينة في ان يأخذ منها قليلا حتى تكون معتدلة تليق بالوجه و تزينه أخذ منها على هذا الحد و قد ورد عن النبي (صلى الله عليه و آله) انه كان يأخذ من طول لحيته لا من عرضها. انتهى كلامه. و لعل مراده أن الزينة تختلف باختلاف الناس في لحاهم و لهذا لم يحدد اعني من جهة التقليل و ان حد من جهة التوفير، و قد مضى في كتاب الحجة
حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)[2]«ان أقواما حلقوا اللحى و فتلوا الشوارب فمسخوا».
و قد أفتى جماعة من فقهائنا بتحريم حلق اللحية و ربما يستشهد لهم بقوله سبحانه عن إبليس اللعين: «وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّٰهِ» [3] انتهى كلامه في الوافي.
و روى في الكافي عن السكوني عن ابي عبد الله (عليه السلام)[4] قال:
«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يطولن أحدكم شاربه فان الشيطان يتخذه مخبئا يستتر به».