اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 5 صفحة : 139
و المراد عري عن و صمة الشك و الإيراد.
و هذا الخبر ظاهر في الرد على ذلك الفاضل المتقدم ذكره المدعى لحصول الإسكار بالغليان، فإنه لو كان الأمر كما توهمه لم يكن لسؤال النبي (صلى الله عليه و آله) عن الإسكار معنى فان الرجل قد ذكر في حكايته عن صفة النبيذ انه غلى مرتين و في الغلية الثانية وضع فيه العكر و لو كان السكر يحصل بمجرد الغليان لحرمة رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمجرد الغليان الأول، و بالجملة فالحديث المذكور واضح الظهور ساطع النور إلا على من اعترى فهمه و ذهنه نوع فتور و قصور، و الله الهادي لمن يشاء.
(الفائدة الثالثة) [أقسام العصير العنبي و النبيذ]
- المستفاد من الاخبار المتقدمة في الفائدة الاولى ان العصير العنبي على قسمين منه ما يغلى و منه ما لا يغلى، و الأول منه ما يكون محرما و هو ما غلى قبل ذهاب ثلثيه و ما يكون حلالا و هو قبل الغلى و ما بعد ذهاب الثلثين، و القسم الثاني أيضا منه ما يكون محرما و هو ما طال مكثه حتى اختمر و صار مسكرا و منه ما هو حلال و هو ما لم يبلغ الحد المذكور. و اما النبيذ كما صرحت به الاخبار في الفائدة الثانية فليس إلا قسمان غلى أو لم يغل: ان أسكر فهو حرام و ان لم يسكر فهو حلال، و الإسكار يقع فيه تارة بطول مكثه في الإناء حتى يختمر و يصير مسكرا كما يشير اليه حديث السقاية و قوله (عليه السلام) بعد ذكر ما كان العباس يفعله لكسر غلظة الماء: «و ان هؤلاء قد تعدوا فلا تشربه» يعنى انه لما وصلت النوبة إلى هؤلاء المستحلين لشرب النبيذ المسكر تعدوا في الزيادة في التمر و الزبيب الذي ينبذونه و طول مكثه في الأواني حتى صار مسكرا، و اليه يشير ايضا قوله (عليه السلام) في حديث حنان بن سدير: «و كان يأمر الخادم بغسل الإناء في كل ثلاثة أيام لئلا يغتلم» و الاغتلام لغة الاشتداد و المراد الكناية عن بلوغ حد الإسكار، و تارة بالغلي و وضع العكر فيه كما صرحت به الاخبار المتقدمة.
و بالجملة فإنه قد علم من هذه الاخبار كملا ان المحرم من العصير العنبي قسمان أحدهما ما على و لم يذهب ثلثاه و الثاني ما أسكر، و اما المحرم من النبيذ فليس إلا المسكر خاصة فلو كان
اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 5 صفحة : 139