اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 22 صفحة : 549
و المراد من هذا القول الارتقاء بالقرابة بالأدنى الى ما قبله، و هكذا الى أبعد جد و جدة له في الإسلام، و فروعهما، و يحكم للجميع بالقرابة، و لا يرتقي إلى آباء الشرك و ان عرفوا بقرابته، و ربما استدل على التخصيص بالإسلام و الانقطاع بالكفر
بقوله (صلى الله عليه و آله و سلم)[1]«قطع الإسلام أرحام الجاهلية»،.
و قوله عز و جل لنوح في حق ابنه [2]«إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» و لا دلالة في ذلك على مطلوب الشيخ، لأن قطع الرحم للجاهلية لا يدل على قطع القرابة مطلقا، مع أصناف الكفار، و كذا قطع الأهلية في ابن نوح، و العرف و اللغة يشهد ان بأن من بعد جدا كالأجداد البعيدة لا يدخل في القرابة، و ان كان مسلما، و من قرب جدا دخل و ان كان كافرا إلا أن تدل القرينة على ارادة المسلم.
و لم أقف في هذا المقام على شيء من الأخبار إلا على ما رواه
الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبى نصر [3] قال: «نسخت من كتاب بخط أبى الحسن (عليه السلام) رجل أوصى لقرابته بألف درهم و له قرابة من قبل أبيه و أمه ما حد القرابة يعطى من كان بينه و بينه قرابة؟ أو لها حد ينتهى اليه رأيك فدتك نفسي؟
فكتب (عليه السلام): ان لم يسم أعطاها قرابته»،.
و هذا الجواب و ان كان لا يخلو من نوع إجمال، إلا أن الظاهر أن المعنى فيه أنه لم يسم شخصا بعينه و لا صنفا بعينه، فإنه يعطى من شملته القرابة عرفا، و فيه تأييد للمعنى المشهور حينئذ.
و أما ما ذهب اليه ابن الجنيد فقيل عليه ان ما ذكره من عدم تجاوز الرابع غير لازم، و فعل النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بالخمس ذلك، لا يدل على نفي القرابة مطلقا عما عداه ذلك: فان ذلك معنى آخر للقربى، فلا يلزم ذلك في حق غيره، حيث يطلق.
و كيف كان فإنه يدخل فيه الذكر و الأنثى، و الفقير و الغني، و الوارث
[1] مسالك الافهام ج 1 ص 409 و ما عثرنا على هذه الرواية بعد الفحص في مظانه.