اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 21 صفحة : 96
بها ظاهر، الا أن ما ذكره في الصورة الثالثة مما يمكن تطرق المناقشة إليه، فإن مرجع استدلاله الى تخصيص عمومي الآية و الاخبار- الدالة على صحة الصلح في مثل هذه الصورة- بالأخبار الدالة على النهى عما يشتمل على الغرر و الجهالة في المعاوضة.
و التحقيق أن يقال: لا ريب أن هنا عمومين قد تعارضا، و هما عموم أخبار الصلح الدال على دخول مثل هذه الصورة، و عموم أخبار النهي عن الغرر و الجهالة الشامل للصلح و غيره من المعاوضات، و ليس تخصيص عموم أخبار الصلح- بعموم أخبار النهي عن الغرر ليتم ما ذكره- بأولى من تخصيص عموم أخبار النهي عن الغرر و الجهالة بأخبار الصلح، فيقال: حينئذ بصحة الصلح في هذه الصورة و ان استلزم الغرر و الجهالة كما أن ذلك حاصل في الصورة الثانية و الرابعة، و لا بد لترجيح أحدهما على الأخر من دليل، و يمكن ترجيح الثاني بظهور عموم أخبار الصلح مع تكاثرها و تعددها على وجه يشمل الصورة المذكورة، بخلاف ما دل على النهى عن الغرر و المجهول، فانا لم نقف فيه على رواية صريحة، و ان تكرر دورانه في كلامهم، و تداول على رؤوس أقلامهم.
و قد تقدم في كتاب البيع قول جملة من الأصحاب بصحة بيع المجهول في جملة من المواضع، و دلت جملة من الاخبار على الصحة أيضا في مواضع، و قد حققنا البحث ثمة على وجه يظهر منه أنه ليس ذلك بقاعدة كلية، و لا ضابطة جلية كما ادعاه جملة منهم، و بذلك يظهر لك أن الأظهر هنا هو ترجيح عموم أخبار الصلح و إبقائها على عمومها، و التخصيص فيما دل على النهى عن الغرر و المجهول، فإنه إذا ثبت صحة العقد مع الجهل و الغرر في البيع الذي هو أكثر شروطا و أضيق مدخلا ثبت في الصلح بطريق أولى، لأنه موضوع على المسامحة و المساهلة، و لأن العمدة فيه كما هو المفهوم من أخباره هو التراضي من الطرفين، اما ظاهرا و باطنا. فيصح حينئذ كذلك أو ظاهرا خاصة فتختص الصحة بالظاهر، و التراضي في موضع النزاع حاصل ظاهرا و باطنا.
و يؤيد ما قلناه ما هو ظاهر من كلام جملة من متقدمي المتأخرين كالمحقق و العلامة و غيرهما من الحكم بصحة الصلح مع العلم و الجهل مطلقا، كما قدمناه
اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 21 صفحة : 96