اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 21 صفحة : 73
و بين دفع الدية و الامام (عليه السلام) انما أوجب عليه الدية بعد موت القاتل و عدم إحضاره، فهو ظاهر في أنه مع حيوة القاتل فليس الحكم إلا إحضاره و تسليمه الى أولياء الدم، و هو موافق لما تقدم من أخبار الكفالة من حيث أن مقتضاها انما هو إحضار المكفول، دون أداء ما عليه كما ادعاه جملة منهم.
و منه يفهم أيضا حكم المسئلة الاولى، و أن الحكم فيها انما هو إحضاره لا أداء ما عليه، لان مرجع المسئلتين إلى أمر واحد، و هو من أطلق من عليه حق من يد غريمه قهرا، فإنه يضمنه، و يجب عليه إحضاره و تسليمه لمن أخذه من يده، و أن للحاكم أن يحبسه كما يحبس الكفيل حتى يحضره.
بقي الكلام في أنهم قالوا في المسئلة الاولى: و حيث يؤحذ المال لا رجوع له على الغريم إذا لم يأمره بدفعه، إذ لم يحصل من الإطلاق ما يقتضي الرجوع، و هو جيد لو ثبت جواز أخذ المال، الا أنه لا دليل عليه كما عرفت.
و قالوا في الثانية: لا فرق بين كون القتل عمدا و غيره، إذ القصاص لا يجب الا على المباشر، فإذا تعذر استفاؤه وجبت الدية، كما لو هرب القاتل عمدا أو مات، ثم ان استمر القاتل هاربا ذهب المال على المخلص، و ان تمكن الولي منه وجب عليه رد الدية إلى الغارم و ان لم يقبض من القاتل، لأنها انما وجبت لمكان الحيلولة و قد زالت، و عدم القتل الان مستند الى اختيار المستحق [1].
أقول: و في هذا أيضا ما في سابقه، فان وجوب الدية على المخلص انما ثبت في صورة موت القاتل خاصة، كما عرفت من الخبر المتقدم، بمعنى أن المخلص له لم يسلمه حتى مات، و الا فمع حياته فالحكم انما هو إحضاره، فيحبس المخلص له حتى يحضره.
[1] بمعنى أنه بعد الهرب أخذ الولي الدية من المخلص فان استمر على هربه ذهب ما دفعه المخلص، و ان تمكن منه الولي فلا ريب في رده الدية إذا اختار القصاص، و كذا يجب عليه ردها لو لم يتخير القصاص، لأنه إنما أخذها من حيث الحيلولة، و قد سقطت بعد رؤيته فيرجع بالدية على القاتل، و يجب ردها على المخلص، هذا حاصل كلامه، و فيه ما عرفت في الأصل. منه (رحمه الله).
اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 21 صفحة : 73