اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 21 صفحة : 640
مع عدم البينة هو المشهور، بل ادعى عليه الإجماع، و الروايات مختلفة، و الأقوى أن القول قولهم مطلقا، لأنهم أمناء، و للأخبار الدالة عليه، و يمكن الجمع بينها و بين ما دل على الضمان بحمل تلك على ما لو فرطوا أو أخروا المتاع عن الوقت المشترط، كما دل عليه بعضها، انتهى.
أقول: لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه بعد الإحاطة بما قدمنا تحقيقه في المسئلة المذكورة، و ذلك فان روايات المسئلة بعد حمل مجملها على مفصلها و مطلقها على مقيدها، لا تخرج عن ثلاثة أقسام، فقسم منها تضمن أن كل ما جنته يد الصانع و العامل سواء كان عن تفريط أم لا فهو ضامن، و أن ذلك قاعدة كلية في كل من أعطى الأجر ليصلح، فأفسد.
و قسم منها تضمن أن مع دعوى التلف فإنه يضمن، إلا أن يقيم البينة أو يكون التلف ظاهرا مشهورا كالغرق و الحرق و الغارة، و نحو ذلك.
و قسم منها تضمن أنه مع دعوى التلف فان كان ثقة مأمونا غير متهم، فلا ضمان عليه، و إلا فهو ضامن، و كل من الأقسام الثلاثة اشتمل على روايات عديدة، و ليس فيها ما يدل على ما ادعاه و غيره ممن قال بهذا القول، سوى رواية واحدة و هي صحيحة معاوية بن عمار [1]، و قضية الجمع بين الأخبار تقييدها بما دلت عليه اخبار المسئلة، كما ذكره الشيخ، و بذلك يظهر لك ما في قوله أن القول قولهم بيمينهم و هو أشهر الروايتين، فإنه ليس في أخبار المسئلة على كثرتها و تعددها سوى رواية معاوية بن عمار المذكورة، فمن اين هذه الشهرة، فإن أراد الروايات الواردة في غير هذه المسئلة كالواردة في الوديعة و نحوها مما يدل على ان الأمين لا يضمن، و أن القول قوله، فهو مسلم و لكن روايات هذه المسئلة خاصة، و كلها على كثرتها متفقة على الضمان الا مع البينة، أو ظهور الأمر، أو كونه ثقة مأمونا، و تلك الروايات مطلقة، و مقتضى القاعدة تقديم العمل بهذه الروايات و تخصيص تلك