اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 18 صفحة : 334
(المنهج الثالث): فيما يحل لقيم مال اليتيم
. و قد اختلف الأصحاب- (رضوان الله عليهم)- في ذلك على أقوال:
(أحدها): أجرة مثل عمله. و به صرح في الشرائع، و علله في المسالك، قال: لأنها عوض عمله، و عمله محترم فلا يضيع عليه، و حفظه بأجرة مثله.
و قال في مجمع البيان: و الظاهر من روايات أصحابنا: ان له اجرة المثل، سواء كان قدر كفايته أو لم يكن.
أقول: و في ظهوره من الروايات كما ادعاه نظر، كما سيظهر.
(و ثانيها): ان يأخذ قدر كفايته لقوله عز و جل «وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ»[1] و المعروف: مالا إسراف فيه و لا تقتير.
و نقل في المجمع هذا القول عن عطاء بن ابى رباح و قتادة و جماعة. قال: و لم يوجبوا اجرة المثل بما كانت أكثر من قدر الحاجة.
و استظهر هذا القول بعض مشايخنا المعاصرين، قال: و هذا هو الظاهر من الاخبار، و لكن ليس على إطلاقه المتناول للغنى و قلة المال و عدم الاشتغال عن أمور نفسه، فإطلاقه مشكل. انتهى.
أقول: و سيأتي- إنشاء الله تعالى- توضيح ما ذكره.
(و ثالثها): أقل الأمرين من الأجرة و الكفاية، و احتج له بوجهين:
أحدهما: ان الكفاية ان كانت أقل من الأجرة، فلان- مع حصولها- يكون غنيا، و من كان غنيا وجب عليه الاستعفاف عن بقية الأجرة، و ان كانت اجرة المثل أقل، فإنما يستحق عوض عمله، فلا يحل له أخذ ما زاد عليه.
و ثانيهما: ان العمل لو كان لمكلف يستحق عليه الأجرة، لم يستحق أزيد من اجرة مثله، فكيف يستحق الأزيد مع كون المستحق عليه يتيما.
و فيه بحث يأتي ذكره- إنشاء الله تعالى- بعد نقل روايات المسألة، و تحقيق