اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 18 صفحة : 300
فقول ابن إدريس و من تبعه: انا نبيع املاكنا و آثارنا و بنياننا، انما يتم لو كان الذي للمسلمين وقت الفتح انما هو رقبة الأرض العامرة خاصة، و اما الأملاك فإنها على هذا ملك لمن في يده، و هو خلاف الظاهر من الاخبار و من كلامهم، كما عرفت.
و بالجملة، فإني لا اعرف لكلامهم وجه استقامة، الا ان يخص ملك المسلمين وقت الفتح برقبة الأرض دون ما فيها. و فيه: ما عرفت. أو انه يجدد أحد بعد الفتح بناء أو غرسا أو نحو ذلك فالبيع و الشراء أو الوقف و نحوها انما هو فيما كان كذلك و هذا ايضا غير مستقيم، لان هذه الأرض حينئذ انما هي من البائرة وقت الفتح التي قد عرفت انها من الأنفال و هي خارجة عن محل البحث.
نعم يمكن ان يقال: ان هذه الاملاك و الأراضي بعد الفتح إذا تقبلها أحد من الامام و عمرها و بنى فيها و غرس و زرع و تصرف بهذه التصرفات و نحوها، مع دفعه كل سنة وجه القبالة له (عليه السلام) أو نائبه، فإنه يجوز البيع و الشراء و الوقف في تلك الاملاك المحدثة، مع القيام بما عليها من وجه القبالة، دون رقبة الأرض.
و الى ذلك يشير خبر بردة بن رجاء المتقدم، و رواية محمد بن شريح المتقدمة أيضا، و نحوهما غيرهما، و ظاهر هذه الاخبار وقوع البيع و الشراء في هذه الأراضي في وقتهم- (عليهم السلام)- و ان لم يكن بإذنهم. و منه يظهر قوة ما ذهب اليه ابن إدريس و من تبعه. الا ان هذا لا يجري في بناء المساجد.
الا ان يقال: انها من المصالح العامة للمسلمين التي هي أحد مصارف هذه الأراضي، فيجوز بناؤها لذلك، و اما وقف أرضها على المسجدية، كما هو ظاهر كلام الأصحاب في بحث المساجد، فلا يتصور هنا. لأن الأراضي غير مملوكة للواقف و هو شرط صحة الوقف، إلا انك قد عرفت في بحث المساجد من كتاب الصلاة: انه لا دليل على ما ذكروه من اشتراط الوقفية في أرض المسجد، فلا اشكال.
و على ما حققناه فيجب تقييد كلام الشيخ و اتباعه بالمنع من التصرف في
اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 18 صفحة : 300