اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 18 صفحة : 16
هذا إذا لم يمكن الجمع بين الأمرين، و الأوجب الجمع بقدر الإمكان في الواجبين. و باقي الصور يعرف بالمقايسة.
و لا يخفى ان ما ذكرناه في هذا المقام و ان كان خارجا عن موضوع الكتاب، الا ان فيه فوائد جمة، لا تخفى على ذوي الأفهام و الألباب و الله العالم.
الفائدة الثانية [في أن فساد الناس يوجب جور الحكام عليهم]
قد عرفت مما قدمناه من الاخبار و مثلها غيرها مما لم نذكره، الدلالة على وجوب طلب الرزق، و استحباب جمع المال بتجارة كان أو زراعة أو صناعة، مع انا نرى في هذه الأوقات و لا سيما في أرض العراق زيادة جور السلاطين و ظلمهم على من اشتغل بشيء من ذلك حتى آل الأمر إلى تركهم ذلك أو الفرار من ديارهم الى بعض الأقطار و منه يحصل الإشكال في العمل بتلك الاخبار، اللهم الا ان يقال: ان السبب التام في تعدى الحكام على أولئك الأنام، انما هو تعديهم الحدود الشرعية و الأحكام، في أعمالهم أو غيرها، و عدم القيام بما أوجبه الملك العلام.
و يدل عليه ما رواه
الصدوق في كتاب المجالس بسنده عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال:
قال الله تعالى: «انا خلقت الملوك و قلوبهم بيدي، فأيما قوم أطاعوني جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة، و أيما قوم عصوني، جعلت قلوب الملوك عليهم سخطة. الا لا تشغلوا أنفسكم بسبب المملوك. توبوا الى، أعطف قلوبهم عليكم»[1].
و هو كما ترى ظاهر الدلالة واضح المقالة، في ان تسلط الملوك عليهم و ظلمهم لهم انما نشأ من ظلمهم أنفسهم، و تعديهم الحدود الشرعية، و من ثم منعهم من سب الملوك و تظلمهم من الحكام، فإنه سبحانه هو الذي سلطهم عليهم، و أمرهم بالتوبة و الإنابة، ليعطف قلوب الحكام عليهم.
و يؤيده ما ورد في بعض الاخبار التي لا يحضرني الان موضعها، من قوله تعالى: