اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 14 صفحة : 476
و بالجملة فالظاهر هو القول المشهور، لما عرفت من دلالة صحيحة جميل على ذلك و ان كانت مرسلة، لعدم المعارض لها، فيتجه العمل بها.
[حقيقة الإحرام]
و ربما بنى الكلام هنا على الاختلاف في معنى الإحرام و ما المراد منه و انه عبارة عن ما ذا؟ فذكر العلامة في المختلف- في مسألة تأخير الإحرام عن الميقات- ان الإحرام ماهية مركبة من النية و التلبية و لبس الثوبين، و مقتضاه انه ينعدم بانعدام أحد اجزائه. و حكى الشهيد (رحمه الله) في شرح الإرشاد عن ابن إدريس انه جعل الإحرام عبارة عن النية و التلبية، و لا مدخل للتجرد و لبس الثوبين فيه. و عن ظاهر المبسوط و الجمل انه جعله امرا بسيطا و هو النية، قال:
فيتحقق الإخلال بالإحرام بالإخلال بها. الى ان قال (رحمه الله) في الكتاب المذكور: و قد كنت ذكرت في رسالة ان الإحرام هو توطين النفس على ترك المنهيات المعهودة الى ان يأتي بالمناسك، و التلبية- و هي الرابطة لذلك التوطين- نسبتها إليه كنسبة التحريمة إلى الصلاة، و الأفعال هي المزيلة لذلك الرابط، و يتحقق زواله بالكلية بآخرها اعني التقصير و طواف النساء بالنسبة إلى النسكين، فحينئذ إطلاق الإحرام بالحقيقة ليس إلا على ذلك التوطين، و لكن لما كان موقوفا على التلبية و كان لها مدخل تام في تحققه جاز إطلاقه عليها ايضا، اما وحدها لأنها أظهر ما فيه، تسمية للشيء باسم أشهر اجزائه و شروطه، و اما مع ذلك التوطين النفساني الذي ربما عبر عنه بالنية. و بالجملة فكلام ابن إدريس أمثل هذه الأقوال، لقيام الدليل و هو
قول الصادق (عليه السلام)[1] الصحيح الإسناد: «فإذا فعل شيئا من الثلاثة- يعني: التلبية و الاشعار و التقليد- فقد أحرم».
فعلى هذا يتحقق نسيان الإحرام بنسيان النية و بنسيان التلبية. انتهى كلامه (زيد مقامه).