اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 14 صفحة : 223
و الى حصول الاستطاعة المعتبرة في حجة الإسلام مع عدم النذر. و انعقاد النذر فرع الشرعية و الرجحان، و هو غير متحقق. انتهى.
أقول: لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه، فان فرض المسألة في كلام الأصحاب على الوجه الذي فصلناه إنما هو في ما إذا نذر و هو غير مستطيع ثم تجددت الاستطاعة بعد ذلك، فمن جملة صورها ما إذا نذر ان يحج في سنة مسماة من السنين المستقبلة و اتفق انه حصلت له الاستطاعة في تلك السنة، فان مقتضى انعقاد النذر سابقا وجوب تقديم حج النذر هنا و ان النذر مانع عن حجة الإسلام. و حينئذ فقوله في تعليل الوجه الثاني: «و الى حصول الاستطاعة المعتبرة في حجة الإسلام. الى آخره» لا وجه له، فان وجود الاستطاعة بعد انعقاد النذر بالحج في هذه السنة و اشتغال الذمة به في حكم العدم. و العجب من قوله: «و انعقاد النذر فرع الشرعية و الرجحان، و هو غير متحقق» فإنه كيف لا يكون النذر منعقدا و الحال انه في وقت النذر عادم الاستطاعة، فأي مانع من انعقاد نذره و شرعيته و رجحانه؟ و بالجملة فإن جميع ما ذكره في الوجه الثاني فهو غير موجه. و الله العالم.
المسألة الرابعة [نذر الحج ماشيا و مبدأ المشي و منتهاه]
- لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ان من نذر الحج ماشيا انعقد نذره و وجب عليه الوفاء به، و تدل عليه عمومات المقتضية لانعقاد النذور [1] و هو عبادة راجحة،
و قد ورد في جملة من الأخبار [2]: «ما عبد الله بشيء أشد و لا أفضل من المشي إلى بيته».
و قد مضى و سيأتي في تضاعيف المسائل الآتية ما يدل على مشروعيته و انعقاده.
[1] كقوله تعالى في سورة الحج، الآية 29 وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ.