اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 1 صفحة : 6
يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال: يا زرارة ان هذا خير لنا و أبقى لكم. و لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا و لكان أقل لبقائنا و بقائكم. قال:
ثم قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا و هم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل جواب أبيه).
فانظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته (عليه السلام) في مسألة واحدة في مجلس واحد و تعجب زرارة، و لو كان الاختلاف إنما وقع لموافقة العامة لكفى جواب واحد بما هم عليه، و لما تعجب زرارة من ذلك، لعلمه بفتواهم (عليهم السلام) أحيانا بما يوافق العامة تقية، و لعل السر في ذلك أن الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين كل ينقل عن امامه خلاف ما ينقله الآخر، سخف مذهبهم في نظر العامة، و كذبوهم في نقلهم، و نسبوهم الى الجهل و عدم الدين، و هانوا في نظرهم، بخلاف ما إذا اتفقت كلمتهم و تعاضدت مقالتهم، فإنهم يصدقونهم و يشتد بغضهم لهم و لإمامهم و مذهبهم، و يصير ذلك سببا لثوران العداوة، و الى ذلك يشير
قوله (عليه السلام): (و لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا.
إلخ).
و من ذلك ايضا
ما رواه الشيخ في التهذيب [1] في الصحيح- على الظاهر- عن سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع) قال: (سأله إنسان و أنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلي العصر، و بعضهم يصلي الظهر؟ فقال: أنا أمرتهم بهذا، لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم).
و هو أيضا صريح في المطلوب، إذ لا يخفى أنه لا تطرق للحمل هنا على موافقة العامة، لاتفاقهم على التفريق بين وقتي الظهر و العصر و مواظبتهم على ذلك.