و من المقطوع: الروايات الواردة في حكم
المصدود التي يحكم الامام فيها بوجوب الهدي للمصدود. و ما عساه يظهر من المحكي عن
الفقه[1] المنسوب
إلى الرضا عليه السلام الذي لم تثبت حجيته عندنا، قال: و إن صد رجل عن الحج و قد
أحرم فعليه الحج من قابل، و لا بأس بمواقعة النساء، لان هذا مصدود و ليس كالمحصور
على أنه مطلق يقيد بما سمعت من النصوص الواردة في حكم المصدود: يذبح حيث صد و نقل
العلامة في المنتهى عن المالك إنه قال: المصدود يتحلل من غير تقصير و كأن المالك
يشبه المصدود بمن أتم نسكه. و أورد العلامة على المالك ما خلاصته و قال: ما ذهب
إليه المالك:
أولا خلاف النصوص الواردة التي أمر الإمام عليه السلام فيها بوجوب
الهدي و التقصير للمصدود.
ثانيا: خلاف ما فعله النبي صلى الله عليه و آله يوم الحديبية لأنه
قصر و أحل و نحر.
ثالثا: المصدود منعوه عن إتمام نسكه و لم يمنعوه عن ذبح الهدي و
التقصير، فظهر مما مضى أن المصدود لا يجب عليه ذبح الهدي في مكانه.
و المناقشة بأعمية فعله صلى الله عليه و آله من الوجوب واضحة الضعف،
خصوصا بعد ظهوره في امتثال ما نزل إليه من الله تعالى بقي هنا شيء:
و هو هل كان معه صلى الله عليه و آله الهدي حين صد بالحديبية أم لا؟
و الثمرة تظهر فيما إذا لم يكن كذلك حين صد لانه لا يمكن القول باشتراء الهدي و
ذبحه في مكان الصد. و أما زمان النحر فمن حين الصد إلى ضيق الوقت عن الحج إن صد
عنه كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله مضافا إلى الروايات الواردة في حكم
المصدود. كرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام المصدود يذبح حيث شاء و يرجع صاحبه
فيأتي النساء[2] و نحوها
غيرها في الدلالة على أن المصدود يذبح في مكان الصد و لا يجب عليه إرسال الهدي إلى
مكة كالمحصور. و عن أبي الصلاح و الغنية أنهما قالا: المصدود كالمحصور في وجوب
البعث عليه إلى مكة. و عن الإسكافي من التفصيل في البدنة بين إمكان إرسالها فيجب،
و عدمه فينحرها في مكانه. و عن أحمد: المصدود إن ساق الهدي معه فهو كالمحصور في
وجوب البعث عليه إلى مكة، و إلا يذبح في مكان الصد. و عن الأستاد دام عزه: و ما
ذهب إليه أبو الصلاح و غيره خلاف صريح الروايات الواردة في حكم المصدود، حيث إنها
نص بأن المصدود يذبح حيث شاء. نعم قد يستدل لأبي الصلاح و غيره بعموم قوله تعالى وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ
مَحِلَّهُ[3] إن قلنا بأن الحصر في الآية فَإِنْ
أُحْصِرْتُمْ[4] لغة مطلق الضيق و الحبس و مقتضاه الترادف بين الصد و الحصر من حيث
المعنى، خلافا
[1] المستدرك الباب( 1) من أبواب الإحصار و الصد،
ح( 3).
[2] الوسائل الباب 1 من أبواب الإحصار و الصد، ح(
5).